المؤلف: ابن الطفيل ، أبو بكر، محمد بن عبدالملك بن محمد بن طفيل المتوفى سنة 581 هـ/ 1185م.
طبيب ، فيلسوف ، فلكي ، شاعر ، فقيه ، محدث .
ولد ابن الطفيل في وادي آش قرب غرناطة حوالي سنة 504 هـ/1110م ، ولا تعطي المصادر معلومات وافية عن أسرته وطفولته وشبابه، وقد تتلمذ في الفقه على يد أبي محمد الرشاطي ، وعبد الحق بن عطية، وفي الأدب على ابن شرف ، ويقال إنه تتلمذ على الفيلسوف ابن باجة. واستوعب معارف عصره الرياضية والفلكية والفلسفية والأدبية ، وتأثر بفلسفة ابن سينا وتصوّف الغزالي.
عمل طبيبا في غرناطة، كما عمل كاتبا لدى بعض ولاة الموحدين في الأندلس ، ثم عينه الخليفة عبد المؤمن بن علي كاتبا لابنه عثمان والي سبتة، ولما تولى يوسف بن عبدالمؤمن الحكم أصبح مستشاره السياسي وطبيبه الخاص إلى أن اعتزل العمل بسبب كبر سنه. من أهم آثار ابن الطفيل قصته “حي بن يقظان” وله أرجوزة طبية، وقصائد شعرية ، وقد فقدت باقي أعماله . توفي في مدينة مراكش.
الكتاب:يفتتح الكتاب بمقدمة لابن الطفيل يخاطب فيها أحد سائليه ويطلب منه أن يعرّفه بأسرار الحكمة المشرقية التي ذكرها الرئيس أبو علي ابن سينا ، فبين له أن من أراد الحق فعليه بطلبها، وقد افضى السؤال بالمؤلف إلى مشاهدة حال غريب لم يشهده من قبل ، ويرى أن على من شاهد هذه الحال وما فيها من لذة وسرور أن يبوح بها مجملة، فإن كان ممن لم تحذقه العلوم قال فيها بغير تحصيل، ومن أدبته المعارف فيقول إنها أحوال إلهية يهبها الله لمن يشاء من عباده، ويبين المراتب التي يرقى بها من يسير في هذه الطريق حتى يصل إلى رتبة يغيب فيها عن نفسه ويلحظ جناب القدس فقط ، وهذه الأحوال تكون ذوقا لا على سبيل الإدراك النظري المستخرج بالمقاييس والمقدمات والنتائج. وبعد أن يورد المؤلف آراء بعض الفلاسفة في خلود النفس أو الجسد، ورأي ابن سينا ثم رأي الغزالي وتكفيره للفلاسفة لا يريد أن يلقي إلى السائل بغايات ما انتهى إليه بل يريد له أن يعبر البحر الذي عبره فيشاهد ما شاهده ، ويتحقق بنفسه مما تحقق منه ، وهو يريد أن يقص عليه قصة حي ابن يقظان و أسبال وسلامان الذين ذكرهم ابن سينا لما في قصصهم من عبرة لأولي الألباب. وتتلخص قصة حي أنه نشأ في جزيرة من جزر الهند خالية من الناس، فبعض العلماء جزم بأن “حي” ولد من غير أم وأب، وبعضهم الآخر أن أمه قذفته في البحر بعد أن وضعته في تابوت لتسلم من الفضيحة فاستقر في الجزيرة ونشأ فيها، ويتمكن حي بالاعتماد على تجاربه وملاحظته دون أي وساطة لغوية أو دينية، أن يتعرف إلى نظام جسمه ، وإلى نظام الطبيعة ’ ويقيم على ضوء هاتين المعرفتين شريعة عملية تضمن له حفظ جسمه ، ورعاية نفسه ، ويستدل على وجود الله من خلال ملاحظة الأجرام السماوية وبالاعتماد على العقل والخيال والحواس، ومقابل الجزيره الخالية توجد جزيرة عامرة بالسكان ، تسود فيها شريعة سماوية ، وقد دب الخلاف فيها بين رجلين ، أحدهما وهو “سلامان” يقول بضرورة التسليم بمقتضى ظاهر النص والعمل به حفاظا على سلامة الناس ، والآخر هو “أبسال” يؤمن بضرورة تجاوز ظاهرة النص بالتأويل لكشف الحقيقة الكامنة وراء التمثيلات والتشبيهات ، ونتيجة لاحتدام الخلاف يهاجر أبسال إلى الجزيره المقابلة الخالية فيفاجأ بوجود حي ، وقام أبسال بتعليم حي اللغة وإخباره بوجود مجتمع مدني وشريعة ، فاستغرب حي من أمرين : أولهما موافقة الشريعة لما وصل إليه بفطرته ، والثاني رفض الجمهور للتأويل الباطني ، فعزم على الذهاب إلى الجزيرة المجاورة أملا في إقناع أهلها وهدايتهم، ولكن حي يفشل في استمالة الجمهور إلى رأيه فيعود إلى عزلته في الجزيرة برفقة صاحبه أبسال.
وقصة حي المتخيلة هي أول قصة فلسفية في التراث العربي ، استهدف ابن الطفيل من خلالها التأكيد بأن الفطرة السليمة تتفق مع مقاصد الشريعة ، وأن النظر العقلي وحده لا يمكن أن يحقق للإنسان سعادته ، بل يحتاج الإنسان بجانبه إلى الذوق والإدراك الحدسي، وبذلك مزج بين المعرفة الفلسفية والتصوف والولاية دون أن يقع في شبهة وحدة الوجود وفناء الذات لدى الصوفية المتطرفة.
وقد ترجمت هذه القصة لأهميتها إلى لغات أجنبية كثيرة.
طبع: في مطبعة السعادة بمصر- ( ط1) 1327هـ/1909م.
مقياس: 19، 2 × 14 سم.
عدد الصفحات: 78 صفحة.
انظر: فروخ: تاريخ الأدب العربي 5/470 ، داغر: مصادر الدراسة الأدبية 1/308، موسوعة أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين 19/46 .